Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
عادل الزبيري
عادل الزبيري
Archives
17 février 2006

وكبرت الفكرة

كانت الفكرة صغيرة جدا، وبدأت تكبر رويدا رويدا مع أيام السنة الرابعة، إنجاز بحث تخرج عن تجربة المصالحة مع الذات المغربية، مع جراح الصدر العاري، جراح بثتها مرحلة عبر ربوع هذا الوطن رعبا وخوفا وسجنا بلا أسماء، ووطن يلتهم شبابه لا لشيء سوى لأنهم آمنوا "بفكرة ما"، وقالوا بها، صحيح أن الاختلاف ثقافة، إلا أنه لا يجب أن يدفع صاحبه أحلى أيام عمره ضريبة له، ولأنه آمن بلينين أو ستالين أو ماركس أو بقافلة المعسكر الشرقي، أو الماوية

كانوا شبابا في الجامعة أو الثانوية أو في منصب عمل، مناضلون ضد تيار تلك المرحلة، مرحلة تكهربت إلى أقصى درجة حتى بلغ التوتر مداه مع انقلابي 1971و 1972على عهد الملك الراحل الحسن الثاني، إلا أن ما بعد هاذين الانقلابين سيكون سوادا حتى على من ناضل من أجل "الخبز"، ولترسيخ الحريات العامة، ولتنطلق مرحلة من تاريخ المغرب المعاصر والحديث سميت تعارفا بسنوات الجمر والرصاص. ونبتت كالفطر في الظل وغياب الشمس، معتقلات سرية لجمع من يتم اختطافهم واعتقالهم للتعذيب، وصنوف الإهانة للذات الإنسانية، والبحث عن القهر والدونية، وفي نهاية المطاف، عقد أو اثنين وراء الشمس في معتقلات ربما ما عرف هذا الوطن شبيها لها من قبل، في ما مضى من التاريخ. وعقب محاكمة هي أشبه "بمسرحية هزلية"، وإكراه على التوقيع على "محاضر شاحبة"، وروحها بلا شرعية ولا قانون

وجاء القرار بالاشتغال على الصورة كوسيلة عمل، وتسجيل للحظات "بعض" ممن اعتقلوا وقضوا سنوات في الاعتقال السياسي، وهنا بدأت مسيرة السباحة ضد تيار الفكرة الجريئة ووسيلة العمل المناوئة في بعض الأحيان والمصالحة في أحيان أخر. وأولا يجب القراءة والإطلاع بشكل متجدد عن المرحلة ومشاكلها وخصوصياتها، فرافقتني في ليال طويلة كتب ومذكرات معتقلين ومعتقلات سابقة، صحيح أن لي سوابق في قراءات المرحلة السياسية، وكان لي إلمام عن المرحلة


فقرأت قصائد تازمامارت التي حفرها المختطفون فوق جدران زنازنهم، ورافقت نزلاء أكدز في طابور الانتظار للخروج إلى هذا العالم للتحدث للموجودين هنا فوق هذه الأرض عن ما جرى لهم، وزرعت ورود الأمل مع أصحاب قلعة مكونة بزغاريد تلك الجبال المغربية الأصيلة التي حولوها إلى مقبرة للشبا

هذا التقرير، هو الدليل لفهم بعض أجزاء العمل في إطاره التاريخي، وكذلك لإكمال مفاتيح الوثائقي المنجز صورة، ولمعرفة الأشواط والمراحل التي مر منها العمل، بدءا من الفكرة وانتهاء بالمولود/ العمل. والقول هنا أن بحث التخرج على هذه الشاكلة يظل مغامرة غير مضمونة العواقب في الختام، وتتطلب صبرا وترو

لأن منطلق الصورة يحتم النص والصورة، فلفهم الموضوع نحتاج للنص والمتن كتابة وقراءة وتعليقا، وللتعبير عنه تأتي مرحلة البحث عن الصورة والتنقيب عن زوايا أخذها ووضعها في أحلى حلة للناظر/ المشاهد، وهنا تبدأ التقنية في الظهور كلاعب أساسي ليكون مرة أخرى الرهان على هذه التكنولوجيا التي قد تصير لعينة، وقد تصير لينة طيعة، وفقا لفكر مستعملها واستعداده للتجاوب معها

المهم أن السلسلة، حلقات من الجهد، يتطلب من صاحبه إنصاتا للرأي والتوجيه والنصيحة، لتكون إشكالية هذا الوثائقي قد وقفت على اثنين، الأول: التأريخ لمرحلة بالصوت والصورة في بداية التعاطي مع الملف "بنظرة جديدة"، وما أصعبها من مهمة لا على المصور صاحب العدسة، ولا على الصحافي صاحب القلم. والثاني: خياطة سيناريو يقارب الموضوع من زوايا متقاربة ومتداخلة للخروج بفيلم تسجيلي مقبول مشاهدة، في زمن الفضائيات المتكاثرة، والعين الرقمية الدقيقة

ليس من السهل الوصول إلى تجميع 43 دقيقة تلفزيونبا، لعوامل موضوعية تستمد شرعيتها من عامل قلة التجربة في الاحتكاك بالصورة وهي التي لا تتعدى الأربع سنوات، بدأت نظرية، فنظرة، لتنتهي في تعامل قريب من الاحترافية والمهنية، لأن قول المهنية يكون للمشاهد والحرفي بعد تراكم عدد من السنوات والتجارب. إلا أن الصورة من زاوية نظر أخرى، تبقى نسبية وتحمل في استعمالها زاوية نظر منتجها، وموضبها، وملبسها الفني، وفي هذه المراحل يكون في كل مرة ميلاد جديد، حتى أن مجرد إدخال مقطع موسيقي أو تعليق قد يقلب مفهوم الصورة مجردة تماما

ولأن الصورة هي في الأصل ثوان، وأجزاء من الثواني، فهكذا، كانت الفكرة، وكانت نقطة البداية، والفكرة بدأت تنمو لتصير أكثر إصرارا من الوصول إلى خط النهاية، لكن قد يتحقق الوصول، إلا أن حال هذا الوصول هل هو في أول السباق أم في آخره، وتلك حكاية أخرى

Publicité
Commentaires
Publicité