صحفيون مغاربة يطالبون بقانون جديد للإعلام وتجاوز "مرحلة النكسة"ـ
الرباط ـ عادل الزبيري
داخل إحدى قاعات الاجتماعات في مجلس المستشارين، الغرفة الثانية في البرلمان المغربي، المنسقية العامة للحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، تعقد ندوة صحافية، تقدم خلالها، حصيلة الجولة الأولى من الحوار والتشاور مع النقابات المهنية للإعلاميين والناشرين، وألوان من الطيف السياسي المغربي وهيئات حقوقية مغربية، ولكل تصور عرضه على التنسيقية، سواء مكتوبا أو في إطار جلسات استماع مغلقة، حول رؤيته للإعلام المغربي حاليا ومستقبلا. الصحافيون المغاربة الحاضرون مارسوا لعبة الأسئلة، مع التنسيقية، ورفعوا صوتهم بما اعتبروه "قلقا مشروعا"، على مستقبل الممارسة المهنية، وإلى "ماذا سيفضي هذا الحوار"، ولماذا "هذا الحوار أصلا"، من خلال علامات استفهام طرحوها على البرلمانيين الحاضرين، وعلى مسؤولي الحوار الوطني حول الإعلام، ومرت لحظات من التكهرب في لعبة سين جيم، في ندوة صحافية "انتظرها الإعلاميون المغاربة كثيرا" كما عبر عن ذلك أحد الصحافيين، في حديث للعربية.نت، لعلها تكشف لهم جديدا، حول ما تم التداول حول مستقبل مهنتهم.
سبع أرضيات و20 ساعة من الاستماع
عبد الحفيظ بوسيف، رئيس تحرير أسبوعية "الشروق المغربية"، المصنفة في خانة ما تسمى في المغرب، بالصحافة المستقلة، يمارس الصحافة منذ 18 سنة، يرى في تصريح خاص بالعربية.نت، أنه من الواجب الانطلاقة من قناعة أساسية، وهي أن الإعلام شريك استراتيجي، للنهوض بالديمقراطية، ومرافقة التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي، في مجالات متعددة، وأشار بوسيف، في ذات السياق، إلى أن ما عرفته العلاقة بين الدولة والإعلام، بخاصة المؤسسات المستقلة منها، وفي الصحافة المكتوبة أساسا، من تشنجات وتوتر أيضا، في بعض اللحظات، متمثلة في محاكمات، وتضييق، اعتبرت بمثابة نكسة في المسار الإعلامي في البلاد.
ويعتبر بوسيف، في تحليله للعربية.نت، أن المناخ الذي منحه التحول الديمقراطي في المغرب، خلال العشرية الأخيرة، يدعو اليوم، إلى مثل هذه اللقاءات، التي تجمع بين المؤسسات الرسمية المعنية بالإعلام، وبين المهنيين، وممثلي الأمة من البرلمانيين، في المؤسسة التشريعية.
ويضيف رئيس تحرير "الشروق المغربية"، أن اختيار البرلمان لاحتضان مثل هذا التداول والحوار والنقاش، من شأنه أن يجسر الفجوة بين الفاعل السياسي والإداري من جهة، وبين رجل الإعلام المهني منه، على وجه الخصوص، لإيجاد الحلول المناسبة لتوفير الشروط المواتية لعمل الإعلام والصحافي في مجتمع يتحرك.
وردا على سؤال للعربية.نت، حول الاتهامات الموجهة للصحافيين المغاربة، بغياب المهنية، يرد عبد الحفيظ بوسيف، من موقعه المهني، بأن دور الصحافي لا ينحصر في الاحتفاء بالانجازات، فقط، على كثرتها وأهميتها، وإنما مهمته الأساسية هي تحصين المكتسبات، ودعم هذه الإصلاحات، بما يرسخ من الخيار الديمقراطي للبلد، وصون الكرامة الإنسانية، وحماية حقوق الإنسان، والنهوض بها، والنهوض بالمجتمع، من ثم فعمل الصحافي، هو محفوف بكثير من المخاطر، في ظل غياب سلوك أو ممارسة واضحة، في تيسير الوصول إلى المعلومة، وفق ما تنص عليه القوانين الدولية في هذا المجال.
ثمانية ألوان سياسية مغربية في الحوار حول الإعلام
وفي تعليق لها على الحوار، اعتبرت التنسيقية، أن الأسبوع الأول من الجولة الأولى، من جلسات الحوار، بينت نضج شروط حصول تناظر حقيقي وعميق، حول قضايا الإعلام في علاقته بالمجتمع، في المغرب، وأنه من المرتقب أن يحدث تحول نوعي في الرؤى والمواقف والممارسات في ممارسة حرية التعبير.
ووفق التنسيقية الوطنية، برز بين من تم الاستماع إليهم، تقاطعات حول تنمية وعصرنة وتطوير المقاولة الإعلامية، في المغرب، مع الشفافية في تدبيرها، وتنظيم الولوج إلى مهنة صاحبة الجلالة، مع وجوب احترام أخلاقيات المهنة، والحرص على التوازن الضروري، بين الحرية والمسؤولية وفق مبادئ حقوق الإنسان الكاملة، ودعما لاختيارات المشروع الديمقراطي المغربي، على أساس احترام المشترك بين مكونات المجتمع المغربي.
وسطرت التنسيقية الوطنية للحوار الوطني حول الإعلام، بالبنط العريض، على أن هنالك حاجة إلى الحوار حول الإعلام، من المكتوب إلى الإلكتروني، مع تطوير في أدائه، وإلى أن يشكل أداة للتوعية والتحفيز على المشاركة، ويعكس روح التعددية السياسية والثقافية، وسيتم نشر كتاب أبيض حول الإعلام في المغرب، في وقت لاحق، بعد حصول تقدم نوعي، في الحوار، بحسب التنسيقية.
الحوار من أجل تذويب الجليد
وبالنسبة للمحجوب بنسيعلي، كصحافي، لا يمكن الاختلاف على أن المبادرة الجديدة من نوعها، ستأتي بجديد على مستوى قانون الصحافة، الذي ينادي به الصحافيون، باعتبار البرلمان مؤسسة تشريعية تسن وتشرع القوانين، فالأرجح أن هذا الحوار سيكون بمثابة الفرصة الحقيقية للمشتغلين في السلطة الرابعة، من أجل توحيد الرؤى وتقديم مقترحات عملية، حول ما يريدون أن يتضمنه القانون الجديد المنظم لمهنة الصحافة بالمغرب، وبالتالي سيساهمون بشكل مباشر في صياغة القانون الجديد، لكن يبقى التساؤل المطروح، حول مدى الرغبة الحقيقية لدى الأطراف المتحاورة في الخروج بنتائج إيجابية، ستصب لا محالة في تحسين ظروف ممارسة مهنة المتاعب بالمغرب، يتساءل الصحافي الإلكتروني.
وجوابا على سؤال للعربية.نت، حول مستقبل الصحافة الإلكترونية، في المغرب، عقب انتهاء الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، يبين المحجوب أن جيلا جديدا من الإعلاميين المهنيين، ظهروا على الساحة، مجال نشرهم هو الإنترنت، وفرضوا أنفسهم بشكل كبير، ليس كبديل، ولكن كصحافة جديدة تفاعلية مع الأحداث بشكل يواكب السرعة والحركية، التي يتسم بها العالم، لكن يبقى أمام صحافة الإنترنت، الكثير من التحديات، مغربيا، والمطلب الأساسي اليوم، بحسب المحجوب، قانون ينظم الصحافة الإلكترونية، ويضمن الاعتراف بالصحافي الإلكتروني، إلى جانب استفادة الجرائد الإلكترونية من السوق الإشهارية