Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
عادل الزبيري
عادل الزبيري
Archives
24 mai 2009

مهمة خاصة: جولة للعربية في تونفيت المغربية

السبت 21 جمادى الأولى 1430هـ - 16 مايو 2009م

اسم البرنامج: مهمة خاصة
مقدم الحلقة: عادل الزبيري
تاريخ الحلقة: الخميس 14/5/2009

 

عادل الزبيري: الطريق إلى تونفيت عند قدم جبل العسكر في ضواحي مدينة خنيفرة في منطقة الأطلس الكبير وسط المغرب، منعرجات ومناظر طبيعية وثلوج تبدو من بعيد في الربيع البارد هنا زاهية على القمم. الثلوج تركت بعد رحيلها على الطريق حفراً تتسبب في اضطراب السير. هنا طاقم العربية يتعرض لحادث انفجار عجلة وتوقف إجباري لإصلاح العطب.

أهلاً بكم مشاهدينا الكرام في هذه الحلقة من برنامج مهمة خاصة، أنا عادل الزبيري أقدمها لكم من قرية تونفيت في ضواحي مدينة خنيفرة في منطقة الأطلس في وسط المغرب. حلقتنا هذه نتحدث فيها عن سكان يقولون إن عدوهم لا يرونه يأتيهم شتاءً قارصاً جداً اسمه باللغة العربية البرد، لكن السكان الأمازيغيين الذين يعيشون هنا يسمونه بلغتهم العصرية أسميد البرد القارص هو العدو اللدود الذي يطارده السكان في هذه المناطق بين جبال الأطلس طيلة فصل الشتاء، يرهقهم مادياً حطب التدفئة ويتمنون أن يحصلوا على أفضل السبل وأرخصها لمجابهة هذا العدو غير المرئي.

بعد حوالي ست ساعات من الطريق 250 كيلومتراً الوصول إلى مدخل قرية تونفيت، هنا يمنحنا السكان لبناً طرياً وخبزاً، على طول الطريق لا مطاعم ولا مكان للاستراحة إلا الفضاء الشاسع والبياض على القمم البادي في الأفق.
قاربت الشمس مغيبها عند دخولنا قرية تونفيت، وبدأت درجة الحراراة في الانخفاض تدريجياً. في منزل سعيد بابا من سكان تونفيت ومن أبنائها نتناول وجبة غذاء مغربية كسكس، ومن بعده شاي مغربي نسترجع به بعضاً من طاقتنا استعداداً لأول ليلة في قرية يزورها البرد القارص كل ليلة.

سعيد بابا (من سكان تونفيت): البرد قاسي والإمكانيات ما موجودة، الحطب قليل وغالي والناس يتمنون أن التعاونية يعطوها الخشب إمكانيات حتى تعطية سكينة وتفيد السكينة في الحطب التدفئة.

عادل الزبيري: يقودنا سعيد خمسون عاماً إلى قمة تلة تطل على القرية الواقعة على سهل شاسع ومحاطة من الجوانب الأربعة بجبال عالية، قارص هو البرد هنا، أما السكان فيقولون إنهم متعودون عليه، وبرد ربيع خفيف الأثر مقارنة مع ما يأتيهم من برد شتاءً.

يستعمل السكان هنا في تونفيت مثل سعيد آلة محلية للتدفئة مصنوعة من القصدير وتتكون من جزئين، جزء يسمى بالكانون يضعون فيه الحطب ليشتعل ويدفئ المكان ويتم عليه غلي الماء، وجزء ثاني هو أنبوب طويل يوصل الدخان الناتج عن احتراق الحطب إلى خارج الغرفة، السكان يشتكون هنا من قلة حطب التدفئة بعد استنزاف الغابة.

سعيد بابا (من سكان تونفيت): ما عندناش حاجة تخوفنا في البلد إلا البرد، لأن البرد وقلة الموارد وقلة الخدمات لأننا ما عندناش معامل ما عندناش طرق.

عادل الزبيري: ينسج الليل خيوطه هنا في المكان صمت إلا صوت احتراق الخشب في المدفأة التقليدية، يقودنا الحديث إلى أمور كثيرة عن تونفيت القرية الصغيرة، وعن عادات الناس، وعن تاريخ المنطقة وسعيد يعدنا بجولة تفصيلية يوم غد في القرية.
- سعيد بابا (من سكان تونفيت): وادي.. مرج تونفيت هذه الخضرة كلها.. أرخص شيء هو الحطب لأن الآلات اللي عندنا أنتو تشوفوهم تصوروهم ما تعمل إلا بالحطب، ما عناش حاجة زي الطاقة ولا حاجة من اللي يستعملوها في المدن، لأن الضوء ما عندنا قدرة على تكاليفه..

عادل الزبيري: اليوم الثاني للعربية في تونفيت، الشمس تدفئ المكان، النسوة بين الأزقة يقضين أغراضهن، والأطفال في لعب يعبرون به الوقت، معالم المكان هنا تبين تفرداً في طريقة تشييد المنازل بالطين والتبن، وعلى الجدران تتدلى تحف من الزرادي أبدعت نسوة تونفيت في حياكة تفاصيلها.
السكان في قرية تونفيت يستعملون منذ القدم كما يشرح هنا زايد من سكان القرية أسلوب عمارة فريد، يمكنهم من جعل منازلهم كما يقولون دافئة شتاءً وباردة صيفاً، جدران المنازل التقليدية في تونفيت عرضها يصل إلى 70 سنتمتراً والبناء يتم بتقنية دق التراب ليتحول إلى جدران والسقف هو من خشب.

زايد خويا (ناشط جمعوي من تونفيت): البناء بهذه الطريقة لأن المنطقة تكون فيها البرودة بالزاف لذلك يبنون البيوت بالطريقة هاي.

عادل الزبيري: لقرية تونفيت وجه تاريخي أيضاً تبرز فيه عبقرية السكان القدامى كما يقولون هنا في محاربة عدوهم غير المرئي البرد، محمد عطاوي ناشط جمعاوي ارتبط بتونفيت وفي التعريف بمعاناة سكانها مع البرد القارص يقودنا هنا في زيارة ميدانية للتعرف على تونفيت الأولى كما ينعتها.

محمد عطاوي (ناشط جمعوي من تونفيت): أجدادنا لم يأتوا عبثاً هكذا وشيدوا هذه القلاع المحصنة سواءً للدفاع عن نفسها أو لمقاومة البرد، البرد والعدو سيان، فالبرد لمقاومته يجب علينا أن نرجع إلى ثقافة أجدادنا.
عادل الزبيري: تسكن القرية أسطورة الأجداد الذين حاربوا الاستعمار الفرنسي ووقفوا في حلقه حتى لا يدخل تونفيت، تونفيت كلمة أمازيغية تعني المتوارية عن الأنظار أي بحسب عطاوي دليل العربية هنا هي التي لا يراها البعيد الآتي إلى المكان.

محمد عطاوي (ناشط جمعوي من تونفيت): نحن ساكنو هذه الأرض عرفنا كيف نتعايش معها، سابقاً لم تكن هناك طرق معبدة، ولكننا لازلنا أحياء وها نحن صامدون. فلكي يتم حل هذه المشاكل وبالخصوص البرد يجب أن نتعايش مع الثقافة الجديدة، لأنه حالياً هناك أفران وهناك مدفآت بالكهرباء وهناك وهناك وهناك..

عادل الزبيري: تحيط الجبال قرية تونفيت من كل جانب، تراجعت الغابات المجاورة تحت ضغط الاستغلال المفرط وفق معلومات حصلت عليها العربية، حطب التدفئة وصل ثمنه هذا العام حوالي الـ 20 دولاراً للحمل الواحد وهو ما يقول السكان أنه فوق طاقتهم المالية.

المهندس نبيل الشرادي (رئيس مركز التنمية الغابوية – تونفيت): اللي بده وين يروح نقول نحنا بالنسبة للساكنة المشرع أعطاهم حق الانتفاع، يعني خول لهم الحق بأنهم يستخدموا الحطب بالتدفئة شريطة أنه يكون هذا الحطب حطب ميت يكون طريح الأرض.
عادل الزبيري: نحن هنا أمام المقر الجديد للجماعة القروية قيد الإنشاء في قرية تونفيت وهو بدعم من السلطات المغربية المركزية، المسؤولون المحليون لتونفيت يعترفون بعدم وجود إمكانيات مالية تمكنهم من دعم حطب التدفئة لصالح السكان.

سعيد الطاهري (النائب الأول لرئيس قرية تونفيت): بالنسبة للمجلس ما عندنا شي طريقة أننا نقوم بمساعدة المواطنين شراء الحطب وفي آلية أخرى لمحاربة البرد، إلا أن الاقتراح الكبير ولله الحمد جمعية تونفيت سترتبط بشركة الكهرباء.. والسلطات المحلية أن يراجعوا سعر الكهرباء في المناطق الجبلية.

عادل الزبيري: سعيد الطاهري في حديثه للعربية يعترف بأن الجماعة القروية لتونفيت فقيرة بامتياز، ولها عجز مالي يصل إلى أربع سنوات كاملة، الدعم المركزي من وزارة الداخلية هو ما يمكنهم من مواصلة التسيير اليومي بحسب سعيد.

سعيد الطاهري (النائب الأول لرئيس قرية تونفيت): الجمعية أغلب الأحيان خصوصاً في هذا الولاية الانتخابية كنا لا نعيش إلا بمساهمة.. أعطيك مثل في 2008 لولا تدخل الوزارة الوصية ما كانش الجمعية مشت بشكل عادي لأن الغابة ما عندناش مورد غابوي.

عادل الزبيري: الكل هنا في تونفيت يقول أن الغابة هي الثروة الأولى إلى جانب جمال الطبيعة، لمعرفة حقيقة الأمر نتوجه إلى مركز التنمية الغابوية في تونفيت، يستقبلنا المهندس نبيل الشرادي بابتسامة والليل ينسج خيوطه على المكان والبرد ينزل الرويدا من جبل المعسكر المجاور كما يتناقل السكان.

بحسب المهندس نبيل البرد في قرية تونفيت في العام ثمانية أشهر ما يخلق ضغطاً متزايداً على الغابة المحلية، هذه الظروف وفق المهندس نبيل دفعت إلى تبني مقاربة تشاركية لتدبير جيد للثروة الغابوية أو البترول الأخضر وفق نعت السكان هنا.

المهندس نبيل الشرادي (رئيس مركز التنمية الغابوية - تونفيت): المنطقة هذه تعد من أهم المناطق الغابوية في المغرب، المساحة الإجمالية تقدر حوالي 90 ألف هكتار، الأصناف الأساسية الأرز الأطلس والبلوط الأخضر، والأصناف الأساسية قلت لك أكيد هي من أهم المناطق الغابوية.

عادل الزبيري: السلطات المحلية في مدينة خنيفرة كشفت بأنها رصدت غلافاً مالياً للمساعدة يصل إلى 20 مليون يورو لتنفيذ مشاريع اجتماعية على مدى سنتين، محافظ مدينة حنيفرة كشف للعربية أن مشكلة المنطقة التي تقع فيها قرية تونفيت هي الطريق وهو ما يتجاوب مع مطلب السكان الطريق أولاً.

العامل أوعلي احجيرة (محافظ إقليم خنيفرة): إشكالية الطريق أولاً وقبل كل شيء، لأنه فك العزلة على المواطنين تكون الطرق أسهل بكثير في طرد التدخل، لأن الطريق تسمح لنا على أن نزود المنطقة لا بالمواد الغذائية ولا بالحطب للتدفئة ولا بالتطبيب إلى غير ذلك من الحاجيات فالطريق هي الأساس.

عادل الزبيري: إدارة المياه في الغابات وفق ما توصلت إليه العربية هنا في تونفيت عملت على توزيع 20 ألف شتلة للتفاح مجاناً على السكان، كما ستعمل على دعم السكان بأفران غازية مجانية للتدفئة وللطهي وذلك من أجل تخفيف الضغط على الغابة
المهندس نبيل الشرادي (رئيس مركز التنمية الغابوية – تونفيت): المشروع التنمية المنوي في منطقة تونفيت اللي بدأناه السنة الماضية هو مشروع مهم جداً، يهدف إلى شقين المحافظة على الموارد الطبيعية في المنطقة، والشق الثاني يتعلق بالنهوض بمستوى معيشة السكان وفك العزلة عنهم
عادل الزبيري: الشاي هنا دواء للبرد، محمد عطاوي يدعونا إلى شاي وحلوى مغربية في مقر الجمعية يرأسها في قرية تونفيت، منزل محمد عطاوي العصري يزيد البرد على أجسادنا فنستعجل العودة إلى منزل سعيد التقليدي بحثاً عن الدفئ
ثلاثة أيام في قرية تونفيت مرت تاركةً أثراً من برد على طاقم العربية وذكريات في قرية يقول سكانها إنها تنتظر موعدها مع التنمية والطريق. تبقى تونيفت متوارية وراء الجبال ساحرة لزوارها لما لها من جمال أطلسي أمازيغي أخاذ ولما لسكانها من كرم الضيافة وسعة الصدر وحفاظ على موروث الأجداد.

 

Publicité
Commentaires
Publicité