Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
عادل الزبيري
عادل الزبيري
Archives
6 août 2006

في الصيف، وفي عز الحرب: فضائيات الصمت العربي

1يقف التلفزيون اليوم في عز حرب كيان معتدي، إسرائيل، على دولة جارة له، هي لبنان، موقفا ما بين الحياد، واتخاذ موقف سلبي أو إيجابي، حسب قرارات المسؤولين عنه، الذين يجدون أنفسهم في هذا الخندق أو ذاك، فما بين قناة تبث الخبر، وتعكس جانبا فظيعا من معانات شعب الأرز، مع آلة العدو الإسرائيلي، وما بين، من لا خبر عنده عن احتراق جزأ من الكيان العربي، هناك على الحدود الشمالية لدولة صهيونية، كالشوكة في خصر الأمة العربية.

1فضائيات الصمت

فعديدة هي المحطات الفضائية التي لا تجد نفسها معنية بالمليون لبناني من المهجرين، ولا بآلاف القتلى، ولا بصمود مقاومة في الجنوب، تحاول أن تحافظ على آخر رمق من كرامة العرب، وهي قنوات تسكن الصمت، وتحافظ على نفس اللبوس، وماضية في برامجها دون التفاتة، خصوصا قنوات الأغاني المصورة، التي ترقص فرحا على دماء الضحايا، لا هم لها إلا ربح المزيد من الرسائل القصيرة، وبث الجديد من فيديو كليبات المطربين الجدد، الذين صاروا كالذباب الطائر، ينغص الجو، ويلوث السمع والبصر. وتنضاف إليها من تسمي نفسها قنوات الأسرة العربية، بأفلامها العربية أو المدبلجة، وببرامجها الكثيرة الموجهة للمرأة العربية، والمتخصصة في جمالها ورشاقتها، بينما كرامتها وقوميتها فلا مكانة لها، لأن القومية ببساطة لغة الترويج والإشهار، لا ترفع نسب المشاهدة، ولا تشد انتباه المستشهرين الباحثين عن مساحات إعلانية. 

1فالصورة في زمن اليوم سلاح فتاك يحرك المواقف، ويدفع إلى الأمام أو الخلف، وإذا كان الحال العربي راكن إلى الصفوف الخلفية في كل شيء، فأضعف الإيمان موقف رافض لمجازر الكيان الصهيوني ضد شعب لبنان الصامد في كل شبر من أرضه. بل إن بعض الفضائيات التي تزعم أنها إخبارية تتناول الخبر من حيث لا ضرر ولا ضرار، كأنها تنتمي إلى قارة لا يلهج سكانها عربية، فالتوجيه الرسمي للفضائيات جعلها في لحظة الحرب الراهنة بلا شرعية مشاهدة، فوجودها تكملة للعدد فقط على قائمة "الريموت كونترول".

وهنا لا مجال للحياد أو الموضوعية في الحديث عن تقتيل شعب بأكمله، والتشدق بالموضوعية، وبالمهنية في منطقة فيها نزاع ما، لأن الشرق الأوسط الجديد لا حدود له، ومن الممكن أن تدور الدائرة على صاحب القناة الصامتة غدا، أو بعد غد. ولعلها القولة الشهيرة، مصائب قوم عند قوم فوائد، فإذا كانت فضائيات قد جندت نفسها للقضية عروبيا وإنسانيا، فأخرى وجدت الفرصة مواتية لشد جمهور مراهق في ذوقه، صوب اللهو والعبث، كحبات الأسبرين التي يبحث عنها الكل، لنسيان الصورة الحية التي تقف أمامه، في هروب هو للأمام ونحو المجهول.

1فزمن البث الفضائي عندنا في عالمنا العربي، لا يزال مراهقا، يحتاج إلى توجيه جديد، يوعيه بأهمية الصورة في زمن حرب الكرامة، فباستثناء محطات معدودة على رؤوس الأصابع، ما تبقي فهو ركض وراء شيء غير محدد، لتتحول الصورة العربية، إلى رقص على دماء شهداء لبنان، كما حصل في ما سبق، في حالة العراق المكلوم.

عطلة التلفزيون المغربي

مع اشتداد لهيب شمس الصيف الحارة في المغرب، وارتفاع عدد الغارات الإسرائيلية على لبنان، دخلت القنوات التلفزيونية المغربية في عطلة مفتوحة، وتركت البث على كاهل إعادات لا تتوقف لبرامج الموسم المنصرم، واستعانت ببرامج من أرشيف التلفزيون، دون مراعات لحاجة شريحة واسعة من المغاربة للتلفزيون، لتجزية وقت العطلة، ممن لا يجدون في أنفسهم رغبة أو طاقة مالية للسفر والنزول إلى الشواطئ، ولحاجة إلى الخبر عن حرب بعيدة عنهم جغرافيا لكنها روحيا ودينيا وقومية قريبة جدا منهم.

1في المقابل، قد تجد في زحمة نشرات الأخبار القصيرة جدا، والقليلة العدد، على التلفزيون المغربي، أخبارا عن لبنان، يتم استقائها من وكالات الأنباء، باستثناء مبادرة فريدة للقناة الثانية، التي أرسلت موفدا لها إلى ساحة المواجهة في بيروت، لينقل كل يوم تقريرا يتيما عن أيام من الحرب السادسة.

فيما الحال يواصل على نفس المنوال في باقي القنوات، كلام عن الصيف والعطلة للجميع، وشرائط متقادمة، لم تعد صالحة للبث إلا على شاشة التلفزيون المغربي، الموجود في فترة انتقالية، تمتد منذ 2004، في حالة تناقض بين الخطاب الرسمي عن التلفزيون العمومي القريب من هموم الناس، وبين فعل يتناقض مع أبسط أخلاقيات مهنة المتاعب.

فالمظاهرات التي يعبر من خلالها الشعب المغربي عن غضبه ورفضه للعدوان على لبنان، قد لا تجد لها مكانا في نشرات الأخبار، إلى جانب عشرات الأنشطة المدعمة لصمود الشعب اللبناني، بينما يمكن لكل مغربي أن يجد أخبار بلده في قنوات الآخرين، من العرب، كالجزيرة أو العربية أو المنار أو العالم، أو الإسبان المهتمين بالوضع الداخلي للمغرب.

1ليقف الإعلام المغربي، اليوم على عادته، خارج التغطية، سابحا بعيدا عن أي تيار، مفضلا دفن رأسه في الرمال، وليعود عداد الانتقال إلى الصفر من جديد، ولتبرز علامة استفهام كبيرة، ما هو التغيير الحقيقي الذي يحتاج له التلفزيون المغربي، هل هي البنيات والتجهيزات والرواتب، أم العقليات المسيرة للمغرب، والتي ترى التلفزيون غولا يرعبها دوما؟

والجواب يبقى بسيطا، فالتلفيزيون فكرة قبل أن يكون جهازا، فهو من منطق مغربي، كما كانت تقول لي جدتي دوما، ذلك الجهاز هو "صندوق العجب".

Publicité
Commentaires
Publicité